.:: منتديات ينابيع العلم ::.
مرحباً بكم في شبكة الغريب الإسلامية
نرجوا منكم التسجيل وذلك لنستفيد منكم وتستفيدون منا
وشكراً ,,,,


مدير الشبكة / عبدالعزيز القحطاني.(Admin)
نائب المدير / عبدالرحيم الشهري.(ينبوع للعلم)
.:: منتديات ينابيع العلم ::.
مرحباً بكم في شبكة الغريب الإسلامية
نرجوا منكم التسجيل وذلك لنستفيد منكم وتستفيدون منا
وشكراً ,,,,


مدير الشبكة / عبدالعزيز القحطاني.(Admin)
نائب المدير / عبدالرحيم الشهري.(ينبوع للعلم)
.:: منتديات ينابيع العلم ::.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


رضاكم هو غايتنا
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخولتسجيل دخول الاعضاء

 

 خطبة لا إله إلا الله مفتاح الجنة لشيخنا صلاح الدين بن عبد الموجود

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin



عدد المساهمات : 124
تاريخ التسجيل : 04/03/2011
العمر : 31

خطبة لا إله إلا الله مفتاح الجنة لشيخنا صلاح الدين بن عبد الموجود Empty
مُساهمةموضوع: خطبة لا إله إلا الله مفتاح الجنة لشيخنا صلاح الدين بن عبد الموجود   خطبة لا إله إلا الله مفتاح الجنة لشيخنا صلاح الدين بن عبد الموجود Emptyالإثنين مارس 07, 2011 6:50 am

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلا الله مفتاح الجنة
إِنَّ الحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ -وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ-.
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ? [آل عمران:102].
?يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا? [النساء:1].
?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا? [ الأحزاب:70-71].
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ تعَالَى، وَخيرَ الهَدْيِ<الهَدْي: السيرة والهيئة والطريقة.> هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَة.
أما بعد: عباد الله.
وقفت على الحديث الذي رواه أبو داود, وأحمد بسند جيد, عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ -رضي الله عنه- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - " مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ". <أخرجه أبو داود "سنن" (3116), أحمد "مسند" (247/233/5) بلفظ "وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ".>.
وقفت أمام هذا الحديث, أقلب في معانيه,فالمسلم ديمة يقول لا إله إلا الله, ولكن لما عند الموت إن قالها دخل الجنة؟.
أضعف ما يكون العبد, وأقصر ما يكون الأمل, وأحقر ما يكون وأذل في نفسه حال الفراق, حال الوداع, حينما يرى حاله, ويرى أنه سيودع الدنيا بعد لحظات, فيجتمع في قلبه الفقر والذل, والضعف والمسكنة, فإن رحمه الله عز وجل أنطقه لا إله إلا الله, كلنا نقول لا إله إلا الله, ولكن حال بيننا وبين معانيها ما خيم على القلوب من شهوات وملذات ودنيا, فإذا بالعبد لا يفيق إفاقة إلا عند لحظة وداع ذلك كله, وأوقفني قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَانْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاَهُ الْجَنَّةَ . <أخرجه الترمذي "سنن" (3545), أحمد "مسند" (254/2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه >.
وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- " إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِى مُنَادٍ يَا بَاغِىَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِىَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ". <أخرجه الترمذي "سنن" (682), وابن ماحة "سنن" (1642) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه>.
وقَوْلُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَلاَ يَخْلُصُوا فِيهِ إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ ، وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَهِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟ قَالَ : لاَ ، وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّى أَجْرَهُ إِذَا قَضَى عَمَلَهُ".< أحمد "مسند" (292/2) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ>.
أيها الأحباب والله الذي لا إله غيره, إن الدار الحقيقية هي الجنة, إن دار البقاء هي الجنة, هَلاَّ هيجنا قلوبنا بذكر الجنة, ما شغلك بهذه الدار؟ ما عطلك عن دار أعدها الله عز وجل لك؟.
" مَنْ كَانَ آخِرُ كَلاَمِهِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ". فما بالكم لو قلناها في الدنيا ديمة, بصدق أنه لا إله إلا هو, وأن الأمر أمره, وأن النهي نهيه, وأن الدين ما شرع, وأن العبد أفقر ما يكون إذا وكل إلى نفسه أو إلى غيره, وأغني ما يكون إن استعان بالله عز وجل.
أيها الأحباب بقيَ ساعات على انقضاء رمضان, ربما منا من قام, ومنا من صام, ومنا من وُفِقَ لدعاء, ومنا من هو ما زال محروما, فلنهيج قلوبنا بذكر الجنة, الجنة التي أعدها الله عز وجل, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ".<البخاري(3244 ), ومسلم(2824)عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه>.
الجنة أهلها جميعاً ملوك, قال عز وجل: {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20)}. [الإنسان/20].
الجنة دار الأبد, نعيمها لا ينقطع, وقرة عينها لا تزول, الجنة خلقها الله عز وجل بيده, وغرس فيها شجرها, وأعد نعيمها لمن حقق في الدنيا لا إله إلا الله,عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ–رضي الله عنه- قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنَا عَنِ الْجَنَّةِ، مَا بِنَاؤُهَا؟ قَالَ: لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ، مِلاَطُهَا الْمِسْكُ الأَذْفَرُ، حَصْبَاؤُهَا الْيَاقُوتُ وَاللُّؤْلُؤُ، وَتُرْبَتُهَا الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ،مَنْ يَدْخُلُهَا يَخْلُدُ لاَ يَمُوتُ، وَيَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ، لاَ يَبْلَى شَبَابُهُمْ، وَلاَ تُخَرَّقُ ثِيَابُهُمْ. <أحمد "مسند" (445/2), والدارمي(429/2) برقم(2821) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.>.
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً، لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَتْفِلُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ الأَنْجُوجُ عُودُ الطِّيبِ، وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ، عَلَى خَلْقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ، سِتُّونَ ذِرَاعًا فِى السَّمَاءِ ».<البخاري(3327), مسلم(2834)>.
الجنة هيج قلبك بذكرها, ولا تقعد في دار أعطاها الله عز وجل لكل دَنِيٍّ, وحرم منها خيرة خلقه, من أنبياء وصديقين وصالحين, الجنة أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ كما قال عز وجل: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا}. [الزمر/73].
أي جماعات, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « آتِى بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ فَيَقُولُ الْخَازِنُ مَنْ أَنْتَ فَأَقُولُ مُحَمَّدٌ. فَيَقُولُ بِكَ أُمِرْتُ لاَ أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ ». <مسلم(197), أحمد "مسند" (136/3) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه>.
الجنة رصيد عمل, رصيد جُهد, أبواب الجنة ثمانية, روى الإمام مسلم عن عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ–رضي الله عنه- أنه خطب يوماً فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِصُرْمٍ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ يَتَصَابُّهَا صَاحِبُهَا وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لاَ زَوَالَ لَهَا فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الْحَجَرَ يُلْقَى مِنْ شَفَةِ جَهَنَّمَ فَيَهْوِى فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لاَ يُدْرِكُ لَهَا قَعْرًا وَوَاللَّهِ لَتُمْلأَنَّ أَفَعَجِبْتُمْ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ مِنَ الزِّحَامِ". <مسلم (2967)>.
فأيها الأحباب أبوابها ثمانية, كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
أبوابها حق ثمـانية أتت*** في النـص وهي لصاحب الإحسان.
باب الجهاد وذاك أعلاها *** وباب الصوم يدعي الباب بالريان.
ولكــل سعي صالح بابُ ورب*** السعي منـــه داخــل بأمـان.
ولسوف يدعى المرء من أبوابها*** جميعا إذا وفى حلى الإيمـان.
إن سألتم عن طعام أهل الجنة, فطعامهم ما تشتهيه الأنفس, وتلذ الأعين وهم فيها خالدون, إن شئت فقل ما شئت من لحم قرب لك بكل أصنافه وألوانه, كما قال عز وجل { وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (22)}. [الطور/22].
وكما قال عز وجل {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)}. [الواقعة/21].
قال ابن عباس: يخطر على قلبه لحم الطير فيصير ممثلا بين يديه على ما اشتهى ويقال إنه يقع على صحفة الرجل فيأكل منه ما يشتهي ثم يطير فيذهب . <تفسير البغوي (10/Cool>.
{وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} أي: وألحقناهم بفواكه ولحوم من أنواع شتى، مما يستطاب ويشتهى. <تفسير ابن كثير (434/7)>.
وإن قلت وسألت عن فواكه الجنة,فإن طعام الجنة على سبيل التفكه, لا على سبيل الأصول, فإن العبد في الدنيا يأكل جوعاً, ويشرب ظمأً, أما في الجنة فلا يجوع, ولا يظمأ ولا يعرى, إنما الطعام والشراب واللباس في الجنة على سبيل التنعم {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20)}. [الواقعة/20].
ما أراد من أنواع الفواكه, ولذلك يدخل أهل الجنة الجنة فيرون من نعيم الله عز وجل من صنوفٍ وألوانٍ من الفاكهةِ, فقالوا هذا الذي أوتينا من قبل كما قال عز وجل: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}. [البقرة/25].
أي فواكه كفواكه الدنيا, ولكن الطعم واللون والنوع يختلفُ تماماً, "مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ".<البخاري(3244 ), ومسلم(2824)عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه>.
إن سألتم عن شراب أهل الجنة, ما اشتهت الأنفس, و لَذَّتِ الأعين, {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى}. [محمد/15].
أنهار تجري في الجنة بلا أخاديد, تجري على ظهر الأرض, ما سُميت الجنة جنة إلا لكثرة أشجارها, وللمؤمن في الجنة شجرة يسير في ظلها الراكب الجواد المُضمر مسيرة مائة عام لا يقطعها, اقرءوا إن شئتم {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30)}. [الواقعة/30].
في الجنة العباد جميعاً صورهم على صورة آدم عليه السلام, طولهم ستون ذراعاً, خَلقهم وسنهم متقارب, عمرهم ثلاث وثلاثون سنة, أحوالهم في نعيم دائم, وفي قرة عينٍ لا تنقطع, الجنة درجات كما أن النار دركات, ولذلك قسمهم الله عز وجل إلى سابق وإلى صاحب يمين, قال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15)}. [الواقعة/15/14/13/12/11/10].
قال ابن عباس: أي مرمولة بالذهب، يعني: منسوجة به.<تفسير ابن كثير(520/7) ط دار طيبة>.
وقال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ}. يقول تعالى ذكره : بطائن هذه الفرش من غليظ الديباج، والإستبرق عند العرب: ما غلظ من الديباج وخشن.
عن هبيرة، قال: هذه البطائن فما ظنكم بالظواهر؟. <تفسير الطبري (62/61/23) ط مؤسسة الرسالة تحقيق الشيخ شأكر>.
{عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16)}. النفوس صفت, والقلوب خلت من الغش والدَّغَل, فلا ترى في الجنة إلا قلوباً صافيه {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)}. [الحجر/47].

أيها الأحباب هيج قلبك بذكر الجنة, فإنه لا نعيم ولا قرة عين, إلا في جنة عرضها السموات والأرض, هيج قلبك بما عند الله عز وجل, انزع عن قلبك حجاب الغفلة, وأَفِق قبل أن تأتى اللحظة التي يتمنى فيها العبد أن يقول حال ذله وانكساره لا إله إلا الله, كم من ميت ما قالها؟.
قال ابن القيم: إن ملخص الحياة عند الموت, فأصدق ما يكون العبد مع نفسه حال خروج الروح, إن كان على الطاعات والقربات, أو كان على المعاصي والغفلات قال عز وجل: {لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)}. [ق/22].
واضح قال: لا إله إلا الله فدخل الجنة, وإن كان على الغفلات والمُلْهِيَات, إعجم لسانه, وغاب عقله وما قالها.
أيها الأحباب الجنة فيها "مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ". <البخاري(3244 ), ومسلم(2824)عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه>.
والجنة درجات, سابق وصاحب يمين, قال عز وجل: { وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)}. [الواقعة/33/32/31/30/29/28/27].
إن اشتهى تَدَلَّ العنقود إلى فمه فأكل, ثم عاد كما كان أضعاف مضاعفة, قال تعالى: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)}. [الواقعة].
كناية عن الحورات عن الحور العين, {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (38)}. [الواقعة].
ومن أصحاب اليمين من تَلبَّس بذنب, أو وقع في خطيئة, ولكنه أَوَّابٌ منيب, رجَّاع إلى الله عز وجل, كما قال سبحانه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ}. والكتاب: هو صَكٌّ لدخولك الجنة, هو كتاب يَقْرَأَهُ العباد في أرض المحشر, فريق آخذ بيمينه, وفريق آخذ بشماله, وفريق آخذ من وراء ظهره, الذي أخذ باليمين يقول: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20)}. [الحاقة/20/19].
فيه الملخص وفيه الموجز, أن العبد نجا, وأن العبد سَلِم, وأن العبد من أهل الجنة, يقول:{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (19) إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (20) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (21) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (22) قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ (23) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)}. [الحاقة].
بعملك وجهدك في هذه الدنيا التي مضت,{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ}.
قال عز وجل: { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)}. [فاطر/32].
قال ابن عباس: هم أمة محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ورثهم الله كل كتاب أنزله؛ فظالمهم يغفر له، ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا، وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب. <تفسير الطبري(465/20) ط مؤسسة الرسالة تحقيق الشيخ شأكر>.
وقال كعب الأحبار: كلهم في الجنة. <تفسير الطبري(466/20) ط مؤسسة الرسالة تحقيق الشيخ شأكر>.
رحمات بعد رحمات, يسر الله لنا سُبُلَ الجنة, فما أقعدنا وما أعجزنا وما حال بيننا وبين دخول الجنة؟ {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِين}. [الأعراف/56].
ولذلك كم غفر من ذنب, وأقال من عثرة, ومَحَا من خطيئة؟ جعل لهذه الأمة الحسنات مُتَضَاعِفَات, والسيئة بمِثْلِها, ووسعت رحمته كل صاحب ذنب, { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34)}. [فاطر/34/33/32].
يحمدون الله أن أذهب عنهم آلام الدنيا وأحزانها, أن أذهب عنهم تنغيص هذه الحياة, {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}. فلا حزن ولا هم ولا غم في دارٍ بجوار الرحمن سبحانه وتعالى, فما أقعدك؟
نادي على نفسك من أعماق قلبك:
يَا حَبَّذَا الجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا *** طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا.
وأنت في رمضان, في أخر لحظات رمضان, وأنت تشعر بالظمأ, ليس في الجنة ظمأ, وأنت تشعر بالجوع, ليس في الجنة جوع, {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا}. [الرعد/35].
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34)}. غفر الذنب وأقال العثرة, وشكر على الطاعة, ما أحلمه وما أرحمه, ذنوبك أخفاها ومحاها وأقال لك العثرة, ومحا لك الخطيئة, ورفع لك الأجر بقليل من الطاعات, {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35)} . [فاطر/35].
دار المقامة هي الجنة, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ فَيُنَادِى مُنَادٍ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، ثُمَّ يُنَادِى يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ ، فَيُذْبَحُ ثُمَّ يَقُولُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ثُمَّ قَرَأَ ( وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ". <البخاري (4730), مسلم (2849) عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ - رضى الله عنه >.
عن عمر رضي الله عنه قال: لو لبث أهل النار في النار كقدر رمل عالج لكان لهم يوم على ذلك يخرجون فيه. <روح المعاني الألوسي (146/12) ط دار إحياء التراث, والدر المنثور السيوطي (478/4) ط دار الفكر>.
لكن حكم الله عليهم وبالتأبيد التخليد أنهم خالدين فيها أبداً.
أما أهل الجنة أمنهم الله عز وجل قال الله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (25)}. [البقرة/25].
فلا انتقال ولا تحويل من دار الخلد.
{وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (36) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا}. تأمل حال الفريقين, وانظر إلى الفرق بين المنزلتين, {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُون}. [سبأ/37].
في نعيم دائموفي قرة عين لا تنقطع, وهؤلاء في شقوة أبد الآباد {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}.ولكن لا رجوع ولا عود.
الجنة فيها "مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ". <البخاري(3244 ), ومسلم(2824)عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه>.
فيها أساور من ذهب للرجال والنساء, وفيها أساور من فضة للرجال والنساء, فيها نعيم الأبد بما لا ينقطعُ أبد الأباد.
أيها الأحباب قال ابن القيم:
في طعام أهل الجنة
وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم *** ولحـوم طير ناعـم وسمان.
وفواكه شتى بحسب مناهم *** يا شبعة كملت لذي الإيمان.
لحم وخمر والنسا وفواكــه *** والطيب مع روح ومع ريحان.
وصحافهم ذهب تطوف عليهم *** بأكف خدام مـن الولدان.
إن سألتم عما فيها من الخدم, هم أطفال أهل الدنيا, الذين ماتوا قبل سن البلوغ كما قال عز وجل: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19}. [الواقعة].
أطفال المسلمين في روضة في الجنة, مع أبيهم إبراهيم عليه السلام, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم, في حديث الرؤيا التي قصها على أصحابها ورأى فيها أشياء كثيرة وفيه "فَانْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ، فِيهَا شَجَرَةٌ عَظِيمَةٌ ، وَفِى أَصْلِهَا شَيْخٌ وَصِبْيَانٌ ....قُلْتُ طَوَّفْتُمَانِى اللَّيْلَةَ ، فَأَخْبِرَانِى عَمَّا رَأَيْتُ. قَالاَ نَعَمْ ....وَالشَّيْخُ فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهُ فَأَوْلاَدُ النَّاسِ". <أخرجه البخاري (1386) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَب رضي الله عنه>.
ولذلك من قبض الله صفيه دون سن البلوغ, فاحتسب فيه الأجر إلا جعل ربنا تبارك وتعالى من هذا الصبي شفيع, ومن هذا الصبي مستقبل على باب الجنة.
رأى بعض أهل العلم رؤيا, أن الناس في المحشر مزدحمون, وكل ينطلق يطلبُ الشفاعة, قال فانطلقنا فإذا بمكان فيه أطفال صغار, قال: فبينما الناس يتدافعون, إذ بكل صبي يعرف الأب والأم, قال: فكلما رأيت رجلاً مَالَ إِلَيه الصبي أخذ بيده وساقه إلى الجنة, قال: فظَلَلّتُ أبحثُ عن صبي, فكلما هممت أن أمسك بيدي صبي, قال: لست بأبي, قال: فأفقت, وكان له غلام ليس له إلا هو, فكان يدعو الله عز وجل أن يقبض حياته, فمات فجاءه رجل يعزيه, فقال: والله لفرحي بموته أعظم من فرحي بحياته, ثم ذكر الرؤيا التي رآها.
أيها الأحباب بقي على رمضان لحظات, وأهيج قلوبكم بما في الجنة من نساء, غير مسيبات ولا متخذات أخدان, لا يتمخطن ولا يتغوطن ولا يتفلن, نساء قال عز وجل عنهن: {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35)}. [الواقعة/35].
حور عين وسميت الحوراء حوراء: لحورٍ في عينيها, قيل لكثرة البياض مع كثرة السواد, وقيل لأن الرجل يحار عند رؤيتها في أي موضع ينظر, وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حال الحوراء, يقول النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم: « وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ ، لأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا ، وَلَنَصِيفُهَا - يَعْنِى الْخِمَارَ - خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ». <البخاري (6568), والترمذي (1651) عَنْ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه>.
أيها الأحباب قال بعضهم يصف تلك الحور:
فلو أن حوراً في الدياجي تبسمت***لجلَّى دجى الظلماء في الأرض نورها.
ولــو مـُزِجَ المــاء الأجاج بريقهـا***لأصبــح عذبـاً سلسبيــلاً بحـورهــا.
الحوراء لا ترى عندها غل, ولا حسد ولا غش, وعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ تُؤْذِي امْرَأَةٌ زَوْجَهَا فِي الدُّنْيَا إِلاَّ قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ: لاَ تُؤْذِيهِ قَاتَلَكِ اللَّهُ ؛ فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أَنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا". <أخرجه الترمذي (1174), وابن ماجة (2014), أحمد "مسند" (242/5) عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه>.
كم من مؤذيات لا يعرفن حق الله عز وجل وحق الزوج؟؟.
أيها العبد, أيها الفقير, أيها المسكين الدنيا ليست لك بدار, أنت فقير مهما تخيلت أنك غني, أنت مسكين مهما تصورت أنك شئ, أنت حقير مهما ظننت أن لك منزل, انظر وتأمل لحالك ومألك وأنت في القبر بعد ثلاثة أيام, أنت أنت, هذا حالك.
عمر بن عبد العزيز ملك الدنيا وعلا, ولكنه كان مع الله عز وجل أعلى, مالت الدنيا بالناس إلا بعمر, ثوب مرقوع.
عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ صَلَّى بِهِمُ الجُمُعَةَ، ثُمَّ جَلَسَ وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ مَرْقُوْعُ الجَيْبِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ! إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَاكَ، فَلَوْ لَبِسْتَ!
فَقَالَ: أَفْضَلُ القَصْدِ عِنْدَ الجِدَةِ، وَأَفَضْلُ العَفْوِ عِنْدَ المَقْدِرَةِ. <السير(134/5)>.
أن تشعر مع أن الدنيا تحت يدك أنك فقير.
كان ابن تيمية رحمه الله يقول:
أنا الفقير إلى رب البريات ... أنا المُسَيْكين في مجموع حالاتي.
أنا الظلوم لنفسي وهي ظالمتي ... والخير إن يأتنا مـن عنده يأتي.
لا أستطيع لنفسي جلب منفعة ... ولا عن النفس لى دفع المضرات.
وليس لي دونه مولى يدبرني ... ولا شفيع إذا حاطـــت خطيئاتى.
إلا بإذن من الرحمن خالقنا ... إلى الشفيع كما قـد جاء في الآيات.
اجمع في قلبك الفقر لله عز وجل, واجعل هذا الفقر في سويداء قلبك, فلا غنى لك إلا بالله عز وجل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لِكُلِّ امْرِئٍ زَوْجَتَانِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِنَّ مِنْ وَرَاءِ الْعَظْمِ وَاللَّحْمِ » . <البخاري (3254) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه>.
المرأة التي من الدنيا إن انصلح حالها, واستقام أمرها, يجعلها ربنا تبارك وتعالى فوق الحوريات, كما قال عز وجل: { إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37)}. [الواقعة].
مهما بلغت من السن والدمامة فإن الله عز وجل ينشئها نشأ أخر, في أجمل صورة, وأبهى حلة, بل تصير بكراً كلما وطئها الزوج عادت بكراً كما كانت.
الجنة دار النعيم, دار المتع, عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه قَالَ « سَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً قَالَ هُوَ رَجُلٌ يَجِىءُ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ أَىْ رَبِّ كَيْفَ وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُمْ وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِمْ فَيُقَالُ لَهُ أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مُلْكِ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ لَكَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ وَمِثْلُهُ. فَقَالَ فِى الْخَامِسَةِ رَضِيتُ رَبِّ. فَيَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ وَلَكَ مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُكَ.
فَيَقُولُ رَضِيتُ رَبِّ. قَالَ رَبِّ فَأَعْلاَهُمْ مَنْزِلَةً [أهل الصفوة أهل السبق, الذين لم تكن أعينهم في غطاء عن أمر الله عز وجل, الذين أيقظوا القلوب, وشحذوا الهمم, وساروا إلى رب البريات ما تعثروا في الدنيا قط] قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ[قلوبهم تعلقت بالله عز وجل, فأحبهم اللهأعانهم أيدهم, كانوا مع الله عز وجل بالليل والنهار] قَالَ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِى وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ». قَالَ وَمِصْدَاقُهُ فِى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) الآيَةَ. <مسلم(189) ما بين معكوفين [ــ] كلام شيخنا حفظه الله >.
عودوا إلى ربكم واستغفروه.................
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمد عبده ورسوله..
عباد الله ساعات وينتهي السباق, سبق من سبق, وتَلَكَّأ من تَلَكَّأ, وقعد من قعد, ولكن سباق الآخرة ليس كسباق الدنيا, فربما عند أخر لحظة من رمضان, يمن الله على العبد باستغاثة فيفيق, ويصرخ من الأعماق, وينادي على الله عز وجل, أن القلب في رمضان علاه الصدأ, أن القلب كالصخر ما تأثر بالصيام, ولا لآن بالقيام, أن القلب ما زال متعثر, فصرخ ونادي الملك, واستغاث بالله عز وجل, عند أخر لحظة من رمضان, ربما لو صدق لفُتِحت له جميع الأبواب, رحمة ربك وسعت كل شئ, لا تنسى أن تذكر نفسك بنداء الله عز وجل على كل مذنب,على كل عاصي, على كل غافل, قال عز وجل {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}. وأي إسراف أعظم من الغفلة, أصوم وأصلي وأقرأ القرآن, ولكن القلب مشتت, في نزاع في صراع بين الدنيا وبين الآخرة, ولكن لو صدق العزم لفتح الله عز وجل لك باباً إليه لن تخرج منه بعد أبداً. {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}. [الزمر/53].
فربما في أخر لحظة لا تقنط ولا تيأس, ولكن شد من عزمك.
واشدُدْ يديك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركنُ إن خانتك أركانُ.
إن صدقت الله عز وجل صدقك الله سبحانه تعالى.
أيها الأحباب ربنا عز وجل أعد لأهل الجنة ما شاؤا, ما أرادوا وما لم يريدوا, هم في نعيم يتقلبون, وفي الغرف آمنون, في قصور وحدائق وبساتين. روى الإمام مسلم عَنْ أَبِى مُوسَى الأَشْعَرِىِّ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ لِلْمُؤْمِنِ فِى الْجَنَّةِ لَخَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ مُجَوَّفَةٍ طُولُهَا سِتُّونَ مِيلاً لِلْمُؤْمِنِ فِيهَا أَهْلُونَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُ فَلاَ يَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا ». <أخرجه مسلم (2838)>.
أي أكثر من ثمانين كيلو متر.
وعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَال، قَال رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا ، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا". <أحمد "مسند" (388/5), وابن خزيمة في صحيحه (306/3) برقم (2137)>.
إقرأ قول الله عز وجل: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}. [الزمر/20].
عمارة أطول ناطحة سحاب في الدنيا نصف كيلو متر, أما عمارتك أنت, أنت أنت فطولها في السماء ما يزيد على ثمانين كيلو متر, ثم الأنهار تجري من تحتها, ثم القصور ثم الحدائق والبساتين, ثم { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا }. [الإنسان/20].

بعد أن استقر المقام بأهل الجنة, وهو في الغرفات آمنون, وهم يتنعمون, وهم يُمَتَعُون, إذ بالله عز وجل يطلع على أهل الجنة, كما روي مسلم عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ - قَالَ - يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا- [لأن أهل النار سود الوجوه]- أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ - قَالَ - فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ». <أخرجه مسلم (181) ما بين معكوفين [ــ] كلام شيخنا حفظه الله >.
فيرون الله الملك الذي عبدوه وأحبوه وتمنو لقائه.
فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْهُ ثُمَّ تَلاَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}. <أخرجه الترمذي (2552), (3105), وأحمد "مسند" (332/4) عَنْ صُهَيْبٍ رضي الله عنه - واللفظ لأحمد>.
وذكر في مع معنى (( الحسنى والزيادة )) أقوال كثيرة وقال أبو جعفر ابن جرير الطبري: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تبارك وتعالى وَعَد المحسنين من عباده على إحسانهم الحسنى ، أن يجزيهم على طاعتهم إيّاه الجنة ، وأن تبيض وجوههم، ووعدهم مع الحسنى الزيادة عليها. ومن الزيادة على إدخالهم الجنة أن يكرمهم بالنظر إليه، وأن يعطيهم غُرفا من لآلئ، وأن يزيدَهم غفرانا ورضوانًا، كل ذلك من زيادات عطاء الله إياهم على الحسنى التي جعلها الله لأهل جناته. وعمّ ربنا جل ثناؤه بقولهSadوزيادة)، الزيادات على "الحسنى"، فلم يخصص منها شيئًا دون شيء، وغير مستنكَرٍ من فضل الله أن يجمع ذلك لهم، بل ذلك كله مجموع لهم إن شاء الله. فأولى الأقوال في ذلك بالصواب ، أن يُعَمَّ ، كما عمَّه عز ذكره. <تفسير الطبري (71/15) ط مؤسسة الرسالة تحقيق الشيخ شأكر>.
أيها الأحباب نحتاج إلى وقفة مع النفس, أن تنصح نفسك, أن تقف مع نفسك موقف عبد يريد أن يفك رقبته من النار, يريد أن يعتق هذه الرقبة من الجبار.
كان بعض السلف يسبح في اليوم الواحد ما يزيد على ثلاث مائة تسبيحة.
فقال له بعض طلابه: يا إمام أراك تكثر من التسبيح.
فقال له: وما سألك.
قال: عسى أن أنتفع به.
فقال: يا بني قد وعدني الله بالنار,وأنا عبد فقير, فعلمت أن الدية قوامها يزيد على ثلاث مائة, فأردت أن أسبح الله عز وجل, حتى أفتدي رقبتي من النار.
النار {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون}. [التحريم/6].
عباد الله أختم الكلام, بأخر مشهد لأهل النار, حتى نستحضر الحقيقة, ونتأمل الفجيعة التي عليها أهل النار, بينما هم في النار, {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا }. [النبأ/23].
تمر السنون بين عذاب في النار, وبين عذاب في الحميم, وبين عذاب من حيَّات وعقارب, وبين زمهرير, وبينما هم على هذا الحال, لا يتوقف عنهم العذاب لحظة, يطلبون الراحة ولو يوماً واحداً, قال عز وجل: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَاب}. [غافر/49].
ما طلبوا التخفيف أسبوعاً ولا شهراً ولا عاماً ولا مدة من الزمان, إنما أرادوا أن يخفف الله عنهم العذاب يوماً واحداً. {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَاب قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}.
أما كان الأمر عندكم واضحاً جلياً, أما أمركم الله عز وجل ونهاكم, أما ذُكِرتم بالجنة, أما حُذِّرتم من النار. {قَالُوا بَلَى}. مقرون على أنفسهم أنهم سمعوا الذكر وما عملوا به, ذكروا الجنة وما اشتاقوا إليها, ذكروا النار وما خافوا منها, {قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ}. [غافر/50].
مهما دعوتم أن يخفف عنكم لو يوماً واحداً, فلن يجاب لكم, تمر السنون والأعوام, وهم {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}. لا ينقطع عنهم العذاب, يُقْبِلُونَ على خازن النار مالك. {وَنَادَوْا يَا مَالِك}. أتدرون ما النداء؟ أتدرون ما هو نداؤهم؟ نداؤهم بالموت الأبدي, الذي ليس بعده حياة, بعد أن أَيِسُوا من رحمة الله عز وجل, {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ}. [الزخرف/77].
قيل القول هو قول الملك سبحانه, وقيل قول مالك بعد أن علم من حالهم, تمر السنون والأعوام والأحقاب, والعذاب لا ينقطع, {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ }. [النساء/56].
أين يتجهون؟ لمن يصرخون؟ بمن يستغثون؟ فيتجهون إلى رب العزة في كبريائه وعظمته, فيقولون: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}. [المؤمنون/107/106].
هذا أخر اللقاء وأخر استغاثة, {أَخْرِجْنَا}. أين كنتم في الدنيا؟..{قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107)}.
أخر جواب الذي ليس بعده جواب, قال عز وجل: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108}. [المؤمنون/108].
فانتهى الكلام وصفدت أبواب النيران. {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِير}. [الشورى/7].
أسال الله الملك, أن يعتق رقابنا من النار, اللهم أعتق رقابنا من النار, اللهم أعتق رقابنا من النار, اللهم أعتق رقابنا من النار, اللهم أنت أعلم بضعفنا وعجزنا وفقرنا فارحمنا, اللهم ارحمنا, اللهم لا تجعلنا من أشقى خلقك, اللهم لا تجعلنا من أشقى خلقك.......... وأقم الصلاة.
تقبل الله من شيخنا وبارك فيه ونفع به.. آمين آمين
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://yana.own0.com
 
خطبة لا إله إلا الله مفتاح الجنة لشيخنا صلاح الدين بن عبد الموجود
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لو تملك مفتاح السعاده لمن تهديه....
» خطبة خزائن الملك
» الكتاب الممتع جدا " مذكرات حرب أكتوبر " للفريق سعد الدين الشاذلي
» أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه
» سلمهم الله لنا من كل مكروه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
.:: منتديات ينابيع العلم ::. :: منتدى زاد ينابيع العلم :: تفــــريغ المحاضرات والدروس العلمية-
انتقل الى: