رضاكم هو غايتنا |
|
| عبودية الكائنات | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin Admin
عدد المساهمات : 124 تاريخ التسجيل : 04/03/2011 العمر : 31
| موضوع: عبودية الكائنات السبت مارس 05, 2011 5:47 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أقدم لكم إخواني وأخواتي رواد منتديات طالب العلم تفريغاً لخطبة رائعة لشيخنا الحبيب أحمد السيسي بعنوان عبودية الكائنات
الحمد لله الذي ظهر لأوليائه بنعوت جلاله ، وأنار قلوبهم بمشاهدة صفات كماله ، وتعرف إليهم بما أسداه إليهم من إنعـامه وإفضالـه ، فعلموا أنه الواحد الأحد , الفرد الصمد , الذي لا ند له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ، الأول الذي ليس قبله شيء ، والآخر الذي ليس بعده شيء ، والظاهر الذي ليس فوقه شيء ، والباطن الذي ليس دونه شيء ، المتفرد بالبقاء وكل مخلوق منتهٍ إلى زواله ، لا يحصي أحد ثناءً عليه بل هو كما أثنى على نفسه على لسان من أكرمهم بإرساله ، السميع الذي يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات فلا يشغله سمع عن سمع ولا يتبرم بإلحاح الملحين عليه في سؤاله ، البصير الذي يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء حيث كانت من سهله أو جباله ، وألطف من ذلك رؤيته لتقلب قلب عبده ومشاهدته لاختلاف أحواله ، فإن أقبل إليه تلقاه وإنما يكون إقبال العبد عليه من إقباله ، وإن أعرض عنه لم يدعه في إهماله ، وإنما يكون أرأف به من الوالدة الرحيمة بولدها في حمله ورضاعه وفصاله . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها واحداً أحداً جل عن الشبيه والنظير ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته مـن خلقـه وأمينه على وحيه وصفيه وخليله ، أرسله الله تعالى رحمة للعالمين ، وقدوة للعاملين ، ومحجة للسالكين ، وحسرة على الكافرين ، وحجة على العباد أجمعين ، فهدى به من الضلالة ، وبصر به من العمى ، وصلى الله وملائكته وعباده الصالحون عليه كما وحد ربه وعرف به ودعا إليه ، ثم أما بعد : لما فتح "عقبة بن نافع" رضي الله تعالى عنه شمال إفريقيا , وأراد أن يبتني للجند مدينة يكون إليها مأواهم , نظر إلى أرض مسبعة ـ أي كثيرة السباع ـ وغيضة وهي التي تشبه الغابات الآن , وأراد أن يلقي بكلكله إلى هذه الأرض ليؤسس للناس مدينته التي تكون عاصمة هذه الدنيا التي افتتحها حديثاً , فقال له الناس إنها غيضة كثيرة السباع , فوقف رضي الله تعالى عنه على حافة الوادي ثم نادى بصوت يسمعه الجميع : "أيتها الحيات والسباع نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وإنا لنازلون فارحلوا , وقد أمهلناكم ثلاثاً فمن وجدناه بعد ذلك قتلناه" فرأى الناس بأعينهم منظراً عجباً !! رأوا السباع والحيات والعقارب تخرج من جحورها تحمل صغارها وترتحل عن هذا الوادي تاركة هذه الأرض لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، سيؤسسون فيها المدينة التي عرفت بعد ذلك باسم "القيروان" . هذه الحادثة ينبغي ألا تمر على القارئ مروراً سريعاً , ولكن يتوقف قليلاً أمامها , حتى يعلم أن الله تبارك وتعالى له عباداً في هذا الكون بل الكون كله عبد طائع لله تبارك وتعالى , وهذه الحيات والسباع التي تركت أوكارها وجحورها وخرجت طائعة عن هذا الوادي امتثالاً لأمر الله تبارك وتعالى وإكراماً لأصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم هي من جملة عباد الله الطائعين , الذين يستعملهم الله عز وجل حينما يريد , والذين قال في حقهم ( ولله جنود السموات والأرض ) ( وما يعلم جنود ربك إلا هو ) إذاً الكون كله عبد طائع لله تبارك وتعالى , والمخلوقات كلها تعبدها ربنا جل وعلا , فلم تكن هذه هي الحادثة الأولى من نوعها التي نشهد فيها طاعة وعبودية الكائنات غير الثقلين , ولكن عندما ضل سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الطريق في إحدى الغزوات , وضل في هذه الجزيرة , وجاء الأسد يحوم حوله فقال : يا أبا الحارث ـ وهي كنية الأسد ـ أنا سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركه لسبيله بل مضى أمامه يدله على الطريق , حتى أتت سفينة فاحتملت سفينة رضي الله تعالى عنه وآبت به إلى طريق النجاة , هذه حادثة أخرى تدلك على هذه العبودية الخالصة التي أودعها الله تبارك وتعالى لجميع المخلوقات في هذا الكون , فالسموات والأرض والرياح وكل مظاهر الكون من شمس وقمر ونجوم كل ذلك يسبح بحمد الله تبارك وتعالى , ويعبد ربه جل وعلا عبادة لا نعرف كيفيتها ولكن نجزم أنهم جميعاً عباداً لله جل وعلا كما قال عز وجل ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) فالجمادات والحيوانات وكل مظاهر الحياة في هذا الكون تسبح بحمد ربها تبارك وتعالى , وتعبد ربها جل وعلا ، والعبودية الخالصة ليست حكراً على العقلاء فقط !! وأن الله تبارك وتعالى إنما فضل الإنسان وشرفه لعقله ؛ لذلك لما عرضت هذه الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها لعلمهم بعظم هذه التكاليف الشرعية , وحملها الإنسان الذي قال عنه ربه تباك وتعالى ( إنه كان ظلوماً جهولاً ) فعندما يقول الله تبارك وتعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) لا يقصر العبادة على الجن والإنس بحسبهم فقط لأنهم هم الذين سيحاسبون في الآخرة , أما هذه الحيوانات فإن الله تبارك وتعالى وضع عنها هذه التكاليف ولكنه يقتص من الشاة القرناء التي نطحت الجلحاء ثم يفنى الجميع ويبقى الثقلان . وهذه العبودية ينبغي علينا أن نتأمل معانيها وأن ننظر لصورها في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنعلم أننا لسنا وحدنا عباداً لله تبارك وتعالى ولنعلم كيف أن الجمادات والحيوانات العجماوات تطيع ربها تبارك وتعالى ، أما نحن فنعصي ربنا جل وعلا , في كثير من الأحاديث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنواعاً من العبادات وأنواعاً من التسبيحات والإقرار بتوحيد الله تبارك وتعالى جرت على ألسن الحيوان أو بفعل هذه الأشجار بل وبنطق الأحجار أحياناً حتى هذه الحيوانات يدخل في مضمارها مفهوم الولاء والبراء , فحينما دخلت إحدى النساء على عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها فوجدت لها حربة صغيرة قد ركزتها في الدار , فسألتها عن سر اقتنائها لهذه الحربة فقالت : أتصيد بها الأوزاغ ـ والوزغ هو هذا الحيوان الذي يسمى الآن البرص ـ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله , أتدري لماذا ؟ لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام عندما كان في النار عندما ألقي في النار التي أججها قومه له جاءت الحيوانات تبرد وتحاول إطفاء النار إلا هذا الوزغ فقد كان ينفخ النيران على إبراهيم عليه الصلاة والسلام فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله من باب الولاء والبراء , بل هذه الحيوانات العجماوات فيهن فواسق أمر بقتلهن رسول الله عليه الصلاة والسلام وسماها باسم " الفويسقة " فقال : ( خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم , الحية والغراب والحدأة وال*** العقور والفأرة ) هذه الفواسق أمرنا بقتلها لأنها فواسق فسقت عن طاعـة الله تبارك وتعالى فكان جزاؤها أن تقتل في الحل والحرم . تأمل معي كيف أن العبادة تنسحب على مفاهيم الحياة جميعاً , حتى الولاء والبراء لا يختص بالآدميين فحسب بل ينسحب إلى الحيوانات أيضاً وإلى العجماوات التي لا تعقل . بين أيدينا الآن قصص وردت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة تحكي لنا صوراً عن هذه العبادات التي قامت بها هذه الكائنات لربها تبارك وتعالى فحكى لنا عن هذه البقرة , فقال : بينما رجل يسوق بقرة يوماً فركبها فضربها ، فالتفتت البقرة إليه فقالت : ما لهذا خلقنا إنما خلقنا للحرث , هذه البقرة التي خلقها الله تبارك وتعالى لمهمة محددة تعرف وظيفتها في الحياة , وتعرف أن الله تبارك وتعالى هو الذي خلقها , كثير من الناس الآن ممن أنعم الله عليهم بنعمة العقول ينفون الخالق تبارك وتعالى , ويقولون إن الحياة ضربة لازج يعني ضربة حظ أتت هكذا خبط العشواء قال : إن هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر وما نحن بمبعوثين , البقرة التي حينما يريد إنسان أن يشتم آخر يقول له يا بقرة , هذه البقرة تعرف وظيفتها في الحياة وتعرف أن لها خالقاً خلقها وأوجدها لهذه المهمة فقالت : ما لهذا خلقنا ولكن خلقنا الله للحرث , تلك إذاً هي المهمة التي أوجدها الله عز وجل لها , بقرة تنطق وتسبح بحمد الله تبارك وتعالى وتعرف الوظيفة التي خلقت من أجلها وتحرص على أدائها , وكثير من الناس لا يعرفونها ويتباعدون عنها ويتفرطون فيها ويتهربون من تلك التكاليف اليسيرة التي امتحنهم واختبرهم بها ربنا جل وعلا في هذه الدار , ماذا نقول ؟ هل ندعو بأن يتحول هؤلاء إلى بقر ليكونوا من الطائعين أم ماذا ؟
| |
| | | Admin Admin
عدد المساهمات : 124 تاريخ التسجيل : 04/03/2011 العمر : 31
| موضوع: رد: عبودية الكائنات السبت مارس 05, 2011 5:47 am | |
| قصة أخرى حكاها لنا النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه المخلوقات وكيف أنها تعرفت على نبوته بل ودعت الأناسي إلى الذهاب إليه للاستماع إلى موعظته , فهذا راعي خرج بما معه من هذه الأغنام ترتع في الفلاة فعدا الذئب على إحداها فاختطفها فتتبعه الراعي فأخذها من بين أنيابه فأقع الذئب على ذيله ـ أي قعد ـ ثم توجه بلسان فصيح يخاطب هذا الراعي فقال : ألا تتقي الله ؟ أتسلبني رزقاً ساقه الله إلي ؟ فتعجب الراعي ! فقال : يا عجبى ذئب مقعن على ذنبٍ يتحدث بلسان الناس , فقال له الذئب : ألا أخبرك بأعجب من ذلك ؟ محمد صلى الله عليه وسلم في يثرب يحدث الناس بأخبار السابقين , فانطلق الراعي إلى المدينة وبحث عن النبي صلى الله عليه وسلم وقص عليه الخبر , فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فأنا أؤمن بذلك وأبو بكر وعمر ـ صدق على كلام الراعي ـ وتأمل كيف أن هذا الذئب يعلم أن الرزق بيد الله تبارك وتعالى , يعرف أن الذي رزقه هو الله جل وعلا , كثير من الناس لا يعرفون هذه الحقيقة ويجهلون أن الرزاق هو الله رب العالمين , يخشون على أرزاقهم يظنون أن الأرزاق بأيدي العباد , فنجد الناس في هذه المصالح أو في تلك الشركات يتزلفون إلى رؤسائهم وينتشر بينهم النفاق والصنائع والرشاوي حتى ينالون الرزق بزعمهم ولا يعلمون أن الخالق الرزاق هو الله تبارك وتعالى , يقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ( إن الروح القدس ـ يعني جبريل ـ نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ) لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها , الرزق سيبحث عنك حتما حينما تقوم بأسبابه ؛ لأن الله تبارك وتعالى كتب لك رزقك وأنت بعد نطفة في بطن أمك ، وكتب شقي أنت أم سعيد ، وكتب أجلك وهذا الرزق وذكر أم أنثى , هذه العقيدة ينبغي أن ترسخها في قلبك , فتعلم أن الله تبارك وتعالى هو الرزاق , وأن رزق الله تبارك وتعالى لا يجلبه حرص حريص , وأن هذا الرزق ينال بتقوى الله جل وعلا , لا ينال بكثرة التعب ولا ينال بمعصية الله تبارك وتعالى , بعض الناس عنده شره على جمع المال سواء كان من طريق حرام أم من غير ذلك , يريد الحصول على المال بأي طريق , في تقوى الله عز وجل وفي مراقبته تبارك وتعالى سبل الرزق الوفير فقد قال الله جل وعلا ( ولو أن أهل القرى ءامنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) , وقال نوح عليه الصلاة والسلام وهو يعظ قومه ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً ) , كل هذه السبل سبل الرزق الوفير تأتي بماذا ؟ باستغفار الله عز وجل والتوبة والإنابة إلى الله جل وعلا . الرزق بيد الله عز وجل ليس في يد مخلوق , ولا يأتي بهذه الأسباب ؛ لذلك لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الصبح في الحديبية في إثر سماء ـ أي بعد شتاء ومطر ـ أقبل عليهم فقال : أتدرون ماذا قــال ربكم ؟ ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ـ أي في إثر هذا المطر ـ , أما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب , وأم من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب ) , من قال نزلت الأمطار برياح شمالية عكسية قدمت من وسط أوربا ونحو ذلك , من قال أن الجدب السبب الرئيسي فيه هو تأخر هذه الرياح التي تأتي من شمال إفريقيا ونحو ذلك , ولا يعلمون أن المطر رزق من عند الله تعالى ينزله لمن يشاء من الطائعين ويمنعه عمن شاء من العصاة المتردين , الأسباب لا تحمي الناس ولكن كل شيء بقدر الله عز وجل , لا يصح أن يقول قائل إن السد العالي مثلاً حفظ البلاد من المجاعات ومن القحط ووفر لنا المياه الغزيرة لمدد من السنين الطوال ، الله عز وجل قادر أن يهدم هذا السد على رؤوس أصحابه وأن يغرق البلاد بما خلفه من ماء , قادر أن يجفف هذا الماء الذي يقف خلف هذا السد . لقد عتا أقوام في الزمان القديم وأقاموا السدود وتمردوا على الله عز وجل وهي "سبأ " هؤلاء القوم تمردوا على الله تبارك وتعالى وأقاموا سداً عظيماً يحجزون خلفه المطر , فما كان من نبأ هذا السد ؟ بعث الله عز وجل الجرذ وهي الفئران فنقبت السد فهدمته , ثم اكتسحت المياه هذه القرى جميعاً فذهبوا مضرب مثل في الزمان , حتى يقال بمن ذهبت بهم الأيام تشتتوا أيدي سبأ ( لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور ) . الذئب يعلم أن هذه الشاة رزق من عند الله تعالى وأن الذي رزقه إياها هو الله تبارك وتعالى , وأنه لم يرزقها بمهارته في الصيد أو بسرعته في العدو ، أو بمكره ودهائه ومخاتلته التي اشتهر بها بين الحيوانات , لكنه يعلم أن الرزق من عند الله ؛ لذلك عاب على الراعي أن ينتزع منه هذه الشاة فقال : أتأخذ مني رزقاً ساقه الله إلي ؟ ثم يتحول بعد أن رأى تعجب هذا الراعي من ذئبٍ عادٍ باغٍ على هذه الأغنام إلى داعٍ يدعو الأناسي لسماع دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم في يثرب في المدينة يحدث الناس بأخبار ما قد سبق ، فذهب الراعي واستمع إلى النبي صلى الله عليه وسلم , هل آن لنا أن نتعلم من هذا الذئب كيف نلفت أنظار الناس إلى هذا الدين وإلى عظمته وإلى شموله وإحكام بنائه وإلى يسره وإلى غلبته وبقائه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها , وإلى تكفل ربنا عز وجل بحفظه ، وإلى ثواب الطائعين الملتزمين المتمسكين به وإلى عاقبة الظالمين المتمردين الباغين على شرع الله تبارك وتعالى . هل آن لنا أن نتعلم كيف ندعو إلى يسر الإسلام وإلى شمول الإسلام ؟ كيف نلفت أنظار الناس في كل مناسبة إلى أن عبادة الله تبارك وتعالى تدخل في أفراحهم ومآتمهم , وتدخل في زواجهم وطلاقهم , تدخل في ولادتهم وموتهم , تدخل في أعمالهم وتجارتهم , تدخل في طعامهم وشرابهم وملابسهم , تدخل في نظرهم وكلامهم واستماعهم ومشيهم وبطشهم , تدخل في أعمال قلوبهم , تتغلغل في ثنايا جوارحهم التي ستشهد عليهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم , لست وحدك على هذا الدرب ، معك هذا الكون بمن فيه . كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام يوما هو الأمة بأسرها ( إن إبراهيم كان أمة ) كان إماماً يعلم الناس الخير مائلاً عن الشرك , كان بمفرده يعبد ربه تبارك وتعالى صبر على ذلك وعلم الناس حتى دخلوا في دين الله , وكذلك نشأ رسولكم صلى الله عليه وسلم في تلك الصحاري بين أقوام غلاظ فظاظ لايقيمون للحق وزناً ولا يعرفون له اسماً ، يغير بعضهم على بعض ويأكل بعضهم أكباد بعض , كانوا قوماً ليسوا كالأقوام بل كانوا حثالة البشر نبذتهم الأمم ونظروا إليهم نظرة الفخر والاحتقار حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأحدث هذه الثورة في نفوسهم ورباهم بآيات الله وصبر على الإيذاء حتى نصره الله تبارك وتعالى وأصبح دينه هو السيد وأصبحت دولته هي المالكة , وساح أصحابه في مشارق الأرض ومغاربها يفتحون الأراضي وينتقصون أرض الشرك كما قال الله عز وجل ( أولا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) يعني أرض الكفر تنتقل مدينة مدينة إلى دين الله تبارك وتعالى .
| |
| | | | عبودية الكائنات | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|